أخبار

كيف سيتأثر اقتصاد الصين بعد تخفيف سياسة “صفر كوفيد”؟

تواجه الصين وقتاً صعباً للغاية، فبعد أكثر من أسبوع على بدء تخارجها من سياسة “صفر كوفيد” الصارمة، تعرضت البلاد لتفش كبير وواسع الانتشار لفيروس “كوفيد-19”.

وأعلنت وزارة الصحة الصينية أنه بات من المستحيل تحديد حجم الإصابات الكبيرة التي تشهدها البلاد، وذلك بعد عدم إلزام الناس بإجراء فحوص الكشف عن كوفيد-19، حيث أثار الانتشار الكبير للفيروس المخاوف من عدم قدرة الكثير من الموظفين على الالتحاق بمراكز أعمالهم بسبب المرض، وهو سيؤدي حتماً الى إرباك الصين وتراجع القدرة الانتاجية للبلاد التي تعتبر “مصنع العالم”.

وما يحصل في الصين حالياً، دفع بالمديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا إلى التحذير من أن الاقتصاد الصيني سيواجه صعوبات مرحلية، مشيرة إلى إمكانية تخفيض توقّعات النمو الاقتصادي للبلاد في العامين الحالي والمقبل.

ويقول الباحث الاقتصادي دانيال ملحم  إن المشكلة التي تعاني منها الصين، تكمن في الانتشار الهائل لفيروس كوفيد-19، وبالتالي فإن البلاد ستكون أمام 7 أشهر صعبة، نتيجة لعدم قدرة الأشخاص على الالتحاق بعملهم بسبب المرض، ما سيؤثر على القدرة الإنتاجية، ومن هنا يأتي احتمال تخفيض نسبة النمو في البلاد والتي كانت تشير التوقعات إلى أنها ستتراوح بين 3.2 بالمئة و4.4 بالمئة خلال العامين الحالي والمقبل.

أزمة القطاع العقاري

ويضيف ملحم إن الاقتصاد الصيني يعاني اليوم من عدة مشاكل، حيث يُعتبر انتشار كوفيد-19 مشكلة ظرفية، في حين تكمن المشكلة الرئيسية في انخفاض الاستهلاك الداخلي بنسبة 3.9 بالمئة، وتراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 2.5 بالمئة، لافتاً إلى أن أزمة السوق العقارية في الصين والتي تمثل من 28 بالمئة من الناتج القومي، أثرت بشكل كبير على الطبقة الوسطى، التي استثمرت بالعقارات، نظراً للعوائد الكبيرة التي كانت تحققها لها، في حين أن الضربة التي تعرض لها هذا القطاع تسببت بخفض القدرة الشرائية للطبقة الوسطى وهو ما سينعكس تراجعاً بالنمو والطلب والاستهلاك.

دول تبحث عن بديل

وبحسب ملحم، فإن سياسة “صفر كوفيد” التي اعتمدتها الصين كانت أحادية الجانب، وبالتالي فإن قراراتها باغلاق الكثير من مصانعها نتيجة ظروف كوفيد-19 أثرت على التجارة الدولية سلباً، ودفعت معظم الدول للبحث عن بديل آمن للإمدادات، فكان الاتجاه نحو دول جنوب آسيا متل تايلاند والفلبين وغيرها، لافتاً إلى أن ما حصل أثّر على عامل الثقة، وبالتالي فإن أغلب الشركات والمستثمرين سيترددون في العودة للاستثمار في البلاد، وهذا ما فهمته الصين بشكل واضح.

مخاطرة لابد منها

من جهته يقول المحلل الاقتصادي أحمد عيان، إن الصين لم تعد تملك قدرة الاستمرار بسياسة “صفر كوفيد”، وبالتالي فإن قرار تخفيف القيود كان لا بد من اتخاذه، مشيراً إلى أن قرار فتح البلاد، هو بمثابة مخاطرة قررت القيادة الصينية خوضها كونه لا مجال للعودة إلى الوراء.

ويوضح عياش أن المؤشرات الإيجابية لعودة الصين إلى العمل مرة أخرى، ستكون حتمية بالنسبة للاقتصاد العالمي، ولكنها “لن تكون بكسبة زر بل ستأخذ وقتاً للظهور”، مشدداً على أن الفترة المقبلة قد تكون صعبة لمصانع الإنتاج في الصين، وهو ما يعني مزيداً من الضغوط على سلاسل التوريد العالمية، لافتاً إلى أن المرحلة الحالية مخصصة لتجاوز مشهد كوفيد في الصين وليس لتحقيق النمو، على أن تأتي مرحلة ما بعد كوفيد خلال وقت ما في عام 2023.

ويؤكد عياش أن الصين تعلم أن القرار الذي اتخذته له كلفة اقتصادية، ولكن بالتوازي وعند المقارنة بين الإيجابيات والسلبيات، يتبين أن فتح الاقتصاد سيساعد الصين في العودة بقوة إلى المشهد الاقتصادي العالمي، وسيخفف الضغوط على سلاسل التوريد العالمية في مرحلة لاحقة.

المصدر : سكاي نيوز عربية

إغلاق