نما نشاط الصناعات التحويلية بالصين للمرة الأولى في 6 أشهر في مارس (آذار)، في إشارة إيجابية لبكين في الوقت الذي يواجه فيه ثاني أكبر اقتصاد بالعالم تباطؤاً عقارياً عميقاً وضعف ثقة المستثمرين.
فقد ارتفع المؤشر الرسمي لمديري المشتريات إلى 50.8 في مارس من 49.1 في فبراير (شباط)، متجاوزاً مستوى الخمسين الفاصل بين النمو والانكماش، ومتجاوزاً متوسط التوقعات البالغة 49.9 في استطلاع أجرته «رويترز».
وتشير المؤشرات المتفائلة الأخيرة إلى أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم يعود ببطء إلى وضع أفضل، مما دفع المحللين إلى البدء في رفع توقعاتهم للنمو لهذا العام. ويواجه صناع السياسات التباطؤ الاقتصادي المستمر منذ تخلي الصين عن القيود الصارمة التي فرضتها بسبب فيروس كورونا في أواخر عام 2022.
وقالت شركة «تشاينا بيغ بوك» الاستشارية في مذكرة الأسبوع الماضي: «تظهر بيانات شهر مارس أن الاقتصاد يستعد لنهاية قوية للربع الأول. سجل التوظيف أطول فترة تحسن منذ أواخر عام 2020. وانتعش التصنيع، وكذلك البيع بالتجزئة».
وقال تشاو تشينغ خه، كبير الإحصائيين بالمكتب الوطني للإحصاء، إن السوق أصبحت أكثر نشاطاً مع استئناف الشركات وتسريع الإنتاج بعد عطلة السنة القمرية الجديدة. وكان كثير من المصانع توقف عن العمل خلال العطلة، حيث أشارت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن العمال في بعض الشركات كانوا إجازة لمدة تصل إلى 140 يوماً، بدءاً من أواخر عام 2023، بسبب عدم وجود طلبات جديدة.
وقال تشاو إن المسح أظهر أيضاً استمرار وجود بعض المشكلات أمام الشركات، بما في ذلك زيادة المنافسة في الصناعات ونقص الطلب بالسوق.
وخلال الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في مارس، قالت الصين إنها ستشجع المستهلكين على التخلص من الأجهزة القديمة واستبدال السيارات الكهربائية بسياراتهم، للمساعدة في تحفيز مزيد من الطلب المحلي. وقالت إن 10.4 مليار يوان (1.4 مليار دولار) ستخصص لتطوير الصناعات وتحديث التصنيع، وفق وكالة «أسوشييتد برس».
بينما أعلن رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ خلال الدورة، عن هدف نمو اقتصادي طموح لعام 2024 يبلغ نحو 5 في المائة. لكن المحللين يقولون إن صناع السياسات سيحتاجون إلى طرح مزيد من التحفيز لتحقيق هذا الهدف، لأنهم لن يتمكنوا من الاعتماد على القاعدة الإحصائية المنخفضة لعام 2022 التي أضعفت بيانات النمو لعام 2023.
ورفعت مجموعة «سيتي» يوم الخميس، توقعاتها للنمو الاقتصادي للصين لهذا العام إلى 5.0 في المائة من 4.6 في المائة، مشيرة إلى «البيانات الإيجابية الأخيرة وتنفيذ السياسات».
وقال تشاو إن السياسات التي تعزز تجارة السلع الاستهلاكية وتحديث المعدات على نطاق واسع لا تزال بحاجة إلى مزيد من التنفيذ، لدعم التنمية عالية الجودة للصناعة التحويلية.
ومع ذلك، فإن الركود العميق في قطاع العقارات بالعملاق الآسيوي لا يزال يمثل عائقاً كبيراً أمام النمو، ويختبر صحة الحكومات المحلية المثقلة بالديون والميزانيات العمومية للبنوك المملوكة للدول.
ويشعر كثير من المحللين بالقلق من أن الصين قد تبدأ في «مغازلة» الركود على غرار اليابان في وقت لاحق من هذا العقد، ما لم يتخذ صناع السياسات خطوات لإعادة توجيه الاقتصاد نحو استهلاك الأسر وتخصيص الموارد في السوق، وبعيداً عن الاعتماد الكبير على استثمارات البنية التحتية التي شهدتها في الماضي.